“الشمس”

An Earworm Song

ترتبط الأغاني لدي، قبل أي شيء، بالأماكن. كلما أسمع أغنية كنت أدمن على سماعها لفترة ما أستحضر مكانٍ ما أو عدة أماكن دخلت الأغنية قلبي أثناء تواجدي فيها.

خلال فترة دراستي في الدوحة، أحببت ميادة الحناوي أكثر من قبل وعرفت الكثيرمن أغانيها للمرة الأولى، ولأيام تفردت أغنية “الشمس” وشغلت مساحة كبيرة في ذهني حتى أصبحت أسمعها عدة مرات يوميًا لأوقف نفسي من دندنتها طول الوقت قبل أن ترتبط بفترة المشي. ذات مرة، بدأت أتمشى كعادتي حينها، قبل شروق الشمس بساعة، كي أعود إلى غرفتي وقت الشروق، حينها قررت سماع أغنية “الشمس” وحتى قبل الشروق ربع ساعة كان الجو حارًا جدًا، أستمع إلى ميادة تغني “مهما يحاولوا يطفوا الشمس” وأنظر إلى السماء مستنكرةً من حرارة الجو وأتساءل “هي بتطفي؟!” 

الذكرى الأخرى لهذه الأغنية مع أمسية على النيل.

عادة أستمع إلى الأغاني بسماعات الأذن أو الرأس؛ لأتجنب إزعاج من حولي ولكن على ضفة النيل أقرر أن سماع الأغاني جزء من المشهد ولا يجب أن يُكتم صوت المياه وأغاني المهرجانات في المراكب والمصريين وغيرهم من حولي، أريد المشهد كاملًا، أن أُبقي على الصورة بكافة تناقضاتها وأشغّل “الشمس”، أغنّي مع ميادة ثم أسمع صوتًا بجواري يغني معنا، ألتفت يمينًا ويسارًا، يلتفت نحوي الشاب الذي يجلس على يساري (تجلس بجواره فتاة، حبيبته أو خطيبته وربما زوجته) نبتسم ونواصل الغناء، يمنحني الموقف الشعور بالرفقة والألفة، أضع الجوال في المنتصف بيننا حتى يصله الصوت بوضوح وسط كل الضجة التي تحيطنا. أفكر أن ميادة تشتهر عند الكثير بـ “أنا بعشقك” ولكن لا أعرف الكثير من مَن هم في العشرينات من عمرهم ويحفظون هذه الأغنية، وأعرف من نظرة الشاب أنه يفكر بنفس الشيء. )لا أقصد التعميم أو أن ما أعرفه يميزني بشكلٍ أو بآخر عن غيري، ولكن ذاكرتي الموسيقية قد تشكل موسوعة بأكملها عابرة لعدة لغات.)

الآن، في غزة، كلما أسمع بداية موسيقى “الشمس” أستحضر الموقفين وأتذكر شمس الدوحة ونيل القاهرة. 

عن المقاطعة

أتذكر اللحظة التي قررت فيها مقاطعة المنتجات الإسرائيلية. لا أذكر عمري حينها، ربما كنت في العاشرة أو الحادية عشرة من عمري. طلب مني أبي شراء دواء لجدتي في ذلك المساء وذهبت إلى صيدلية زياد أحمل (الروشتة). أخبرني الصيدلاني أن هناك نوعين من هذا الدواء، أحدهما إسرائيلي والآخر فلسطيني، حتى حينها كنت أعرف بأن هناك من يفضّل “جودة” المنتجات الإسرائيلية -يجادلون بأن لديهم أفضل المختبرات والمصانع وغيرها، أعلم ذلك، أعلم بقوتهم المادية وأعلم أننا نستخدم عملتهم هنا، أنهم يمتلكون الكثير من أموال العالم، ولكنه احتلال وبكوننا شعب محتل فإننا لا نمتلك رفاهية صنع أفضل ما يكون في كل شيء، ولكن أحيانًا نستطيع- لوهلة، أفكر بصحة جدتي، قد يكون منتجهم الأفضل وهذا يعني أنه سيساعدها أكثر. أقرر أن أسأل الصيدلاني كي آخذ قررًا أفضل. أسأله “عمو، مين الأفضل؟” يخبرني أنهم يتشابهون في المكونات وفي كل شيء. آخذ قراري بحسم. إذًا أعطني الفلسطيني.

لم أكن أملك مالًا سوى مصروفي المدرسي حينها، ولذلك أخذ قرارات تتعلق بالشراء هو ما أخّر اللحظة وموقفي عندها. بعد فترة أجد شيبس مكتوب عليه بالعبرية. أقرر أنني لن أشتريه. يخبرني أحدهم أن الشمينت (كلمة عبرية تعني الزبادي أصبحت جزءًا من مصطلحاتنا. شيء آخر تغلغل إليه هذا الاحتلال السام) الإسرائيلي أفضل من الفلسطيني، أكره أنني سمعت هذه الجملة بالعربية.

في إحدى ليالي صيف 2006، كنت أجلس مع أبي بين شوطين إحدى مباريات كأس العالم. يتنقل أبي في هذا الوقت بين المحطات. نجلس على فراشه على سطح المنزل أمام شاشة التلفزيون الأرضي المرفق بأنتينا. بين المحطات الخليلية (نسبة إلى الخليل) توجد بعض المحطات الإسرائيلية. يتابع أبي الأخبار بالعبرية. أخبره بأنني أريد تعلم العبرية. لا أعلم ماذا أردت حينها من ذلك. هل كنت أرغب في تعلم لغة جديدة بسبب حبي للغات؟ ولكن لم أحب العبرية قط. أم أنني رغبت أن أفهم ما يفهمه أبي. وربما لأنني سمعت الكثير من “تعلّموا لغة عدوكم”. يقول أبي “بوكر توف يعني صباح الخير. بوكر أور يعني مساء الخير،” أقول له أنني لا أريد البدء بتعلم اللغة هكذا. يجب بدء تعلّم اللغة من تعلم الأحرف (الحمدلله لا أؤمن بهذا النهج الآن على الإطلاق).

في الجامعة، كطالبة في كلية الآداب في الجامعة الإسلامية بغزة يجب أن أدرس اللغة العبرية، مساق يقدم الأحرف وحوارات والفعل الماضي والفعل المضارع. أسأم من اللغة حينها. هذا العدو يلاحقنا في كل مكان. أقرر أنني لا أريد تعلم العبرية. فليفهمونني بعربيّتي. في الليلة التي سبقت يوم الاختبار النصفي لم أكن أعرف حتى كيف يقولون “كيف حالك؟” بالعبرية. أطلب من أبي أن يقرأها وأتنقل كثيرًا من الغرفة إليه لسؤاله. في النهاية، حصلت على تقدير جيد جدًا في هذا المساق. لم أكن أريد السماح لعدو أن يسبب إخفاقي بشيء.

هناك من يسألني عن مسألة الخضروات والفاكهة. يسمونها فاكهة إسرائيلية، إذًا كيف أتناولها؟ أخبرهم بأنني أتمنى لو لم يكن للاحتلال أي يد بها. كل ما أعرفه أن الأرض أرض فلسطين والهواء هواء فلسطين والمياه مياه فلسطين وكلها مسروقة. وحتى العمّال الذين يعملون في الأراضي الزراعية فلسطينيين. أخبرهم أنني نعم أتناول الأفوكادو، هل تعرفون كمية المياه التي يحتاجها الأفوكادو؟ هل تعتقدون أن غزة بوسعها تقديم كل هذه المياه للأفوكادو ونحن بالكاد لدينا مياه صالحة للشرب. قرأت على حساب متراس على انستغرام أن نسبة المياه الصالحة للشرب في غزة تبلغ 3٪ فقط. 3٪. غزة لا تملك رفاهية هذا النقاش.

في تلك السنوات، كنت أعلن لأي شخص عن مقاطعتي للمنتجات الإسرائيلية. لا ألوم كثيرًا من لا يقاطعها في غزة أو في فلسطين بشكلٍ عام. منذ بدء الحصار على غزة، أصبح العدو يتحكم أكثر بكل ما يصل إلينا. يعرفون حتى أسماء الكتب التي نشتريها من مواقع أجنبية. أحقد على العدو، لا أحقد على من يشتري.

تظهر حملات المقاطعة في غزة أثناء وبعد الحروب. كنت أدرس في قطر أثناء الحرب الأخيرة. بدأت حملة مقاطعة أكبر على المنتجات الإسرائيلية ثم أي منتج من أي شركة تدعم الاحتلال. أقرأ كل اسم بحذر. أجد بينها اسم Garnier، أتذكر أن منتج ماء ميسيلار (منظّف للوجه ومزيل للمكياج) الذي أستخدمه من عندهم. أقرر ألا أشتري منهم بعد الآن. أقاطع شركات أخرى. لم أشترِ أبدًا من ستاربكس خلال السنتين.

أخبر صديقاتي أثناء التسوق بكل منتج نراه إن كنت أقاطع من يصنعه. أتابع صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي لتخبرني أي الشركات التي على أن أقاطعها. لن تصبح حياتي أصعب بدونها. أبحث عن منتجات بديلة.

أسمع الكثير من “كيف يستطيع شخص واحد أن يؤثر؟” أخبرهم أنني أؤمن بالتغيير هكذا، أؤمن بالبدء بالنفس. ولكن الأهم أن المقاطعة موقف أخلاقي. مسألة تتعلق بمواجهة ذاتي.

Personal Narrative: Fear

What do you do when fear claws at your soul? When it gnashes at your very core? You, a human, think you are strong. But, in reality, that strength is very fragile. Once a dark thought crosses the mind, it convinces the body of its existence, no matter the truth of it. It hinders your progress, feeding you with poisonous thoughts of failure. Of being incapable of changing anything about you and what surrounds you. The fear possesses then, and spreads like the plague. It takes a lot to dim it, push it down. For a while. Until it resurfaces.

Personal Narrative: Grief

How do we act against death? Is denial an act of protecting the self or maintaining the memories of the dear ones? The news of my grandmother’s death had me go all silent, then I had an urge to clean the whole house, but there was not much to do. I didn’t get to see her corpse. For months, I kept hearing her voice. Sometimes, I almost swore I saw her. Or, I pretended she was still in Algeria, visiting her brother. Sometimes, denial hits hard. Sometimes, acceptance does. The different stages of grief do not come in an order.

Personal Narrative: Not Harmful?

Even what others might call “a harmless conversation” can ruin our day, bare us from security and leave a mark on our memories. The moment I become the only passenger in a taxi, many drivers ask me this question, “how old are you?” Then they will give me their age, always a year or two more than my estimated age. Last time this happened, I almost told the driver, “do you want to convince me that you and [some celebrity] are of the same age? Look at yourself and look at him.” I wanted to be mean. I stayed silent.

Personal Narrative: My Red Riding Hood Story

When I was thirteen years old, my mother warned me not to get on a taxi alone as I was visiting my grandmother, taking with me a big basket of food. A few minutes later, that’s exactly what I did. The driver took a detour. I almost loathed myself then. That’s what happens when you don’t listen to your mother’s advice, I scolded myself. It turned out the driver had some business somewhere nearby, then he took the usual track. I was okay, but that was enough to teach me a lesson. Don’t wait for a disaster before you learn.